لأي شيء تصلُح الكاطا ؟
الجدال ليس جديدا لكنه تعاظم خلال الآونة الأخيرة . بالنسبة للبعض ، الكاطا تمرين عديم الفائدة ، بل مُضِرّ و ، للأسف الشديد ، كاطات الشوطوكان ليست سوى حركات رياضية مجرَّدة من كل واقعية حربية . لِحُسن الحظ ، هذه الآراء مبنية على تحليل سطحي . ناقوس الخطر لم يرِنّ بعد بالنسبة للكاطات .
هناك ممارسين للكاراطي ، من مستوى عالي ، يساندون أطروحة عدم فائدة الكاطا . يقول هؤلاء : لكي يكون الممارس فعّالا ، عليه أن يزاول المبارزة ، الكوميطي، و ليس الكاطا . حُجَّتهم الأساسية في ذلك أنهم أبطال مشهورين في المنازلة وأنهم لم يزاولوا الكاطا على الإطلاق .
في هذا المستوى ، يُسْتحسن طرح عدة تساؤلات : الكوميطي الذي يمارسه هؤلاء الأبطال ، هل هو فعّال في حالة التّعرّض للإعتداء ؟ هل الكاطات مُنَفَّدة بطريقة سليمة ؟ هل تَمَّ تحليل الكاطات بما فيه الكفاية ؟ هل الشُّروح (البونكايات) مُركَّبة بطريقة مناسبة ؟
أجوبة : لِنلاحظ قبل كل شيء أن التباري ، كيف ما كان شكله ، يُلغي جميع التقنيات الخطيرة (إذَنْ ، فعّالة) . تدريب الأبطال يُقام بالخصوص تحت منظور التهييئ للمباريات، وبالتالي يؤدّي إلى عدم التكيّف مع الحالات الواقعية.
ليس ممنوعا أن يمارس الإنسان الكوميطي بهذه الطريقة المُسَلِّية ، لكن يجب إشراكه بالإمتدادت الضرورية للإستعمال الواقعي في إطار التعرّض للإعتداء.
لقد أبلغَنا جميع مفكّري الفنون الحربية بأن " العدوّ بداخلنا ". الفن الحربي هو قبل كل شيء السيطرة على الذات . السيطرة على الخصم شيء ثانوي . لذلك ، فالكاطا تواجِهُنا مع أنفسنا وهذا هو مصدر غناها . يجب خلالها أن نتحدى أنفسنا ، أن نتحرّك أسرع ، أن ندور أسرع ، أن نضرب أقوى ، أن نذهب أبعد و أعلى ، أن نُخاطِر ، وأحيانا أن نفقد التوازن ، أن نُخطِأ التسلْسُل ، أن نفتقِر للدّقّة .
الإنضباط مِثل الساعة عند كثير من الممارسين يخلق روبوهات أو لاعبي جيمباز وليس محاربين . إذا أردتم التقدم في التزحلق على التلج، فيجب التزحلق حتى بلوغ حدود السقوط . في الصالة ، مارسوا الكاطا إلى أقصى حدّ من قدراتكم ، بل حتى ما بعدها.
الكاطات تُمثّل مواجهات ضد عدّة خصوم . الإستراتيجية المُبَلورة بداخل كل كاطا هي مليئة بالتعاليم . لمذا يكون أول دفاع مِن جهة اليسار أو في الأمام ؟ لماذا يكون الدَّوران على المِحْوَر بطريقة معيّنة ؟ لماذا بعض العمليات تنتهي بالإعتراض (blocage)؟ لماذا ضربات الرِّجل لا تكون أبداً على المستوى الأعلى ، جودان ؟ لماذا تُنَفّذ بعض الحركات ببطء ؟ لا تنتظروا أجوبة ، مارِسُوا و ستجدون .
على غرار الكابْوِيرا (capoera) ، تطوَّرَت كاطات الكاراطي بأوكيناوا (okinawa) تحت وطْأة منع ممارسة الفن الحربي و تحت الحراسة الدائمة للمُحْتَلّ . لا غرابة إذن في كون ظاهِرِها يعطي الإنطباع بأنها مجرّد رياضة أو نوع من الرقص . ألشكل الذي نعرفه عن الكاطا هو ما كان مسموح به من طرف المُحْتَلّ ، و بعد ذلك أصبح هو الشكل المُسْتَعْمَل في المدارس و الكليات لأنه شكل غير مُعادي .
الممارس الحقيقي للكاراطي لا يقف عند تأمُّل قِشْرًة الفاكهة . لن يهدأ له بال قبل أن يُقَشِّر الفاكهة و يمتصَّها حتى النَّواة.
لذلك ستسْتًغِلُّ البُنْكايات جميع البدائل الحركية الممكنة أمام خصم أو عدة خصوم . يجب الإقتناع بأنه في كل تسلسل هناك ألف بونكاي ممكن .
من جهة أخرى ، يؤدّي التكرار الميكانيكي للكاطات إلى تنفيذ حركية فارغة من كل معنى . إن تفحّص تركيبة الكاطات أمْر ضروري لو كنا نهدف إلى التَّمَكُّن الكامل . لنلاحظ مثلا أن الدوران على المحور يكون دائما على نفس القدم وأن الكْيايْ يكون دائما في هجوم بالجهة اليمنى .
يجب تنفيذ الكاطات بإيقاعات مختلفة ، وكذلك بطريقة عكسية ، وتغيير الإتجاهات و التقنيات ، وتغيير الإسراع و التباطئ ، إلى آخره .
بعض الممارسين المشهورين آخَدوا على أساتذة الشوطوكان عدم تقديم شرح (بونكاي) لكل حركة كما هو الحال غالبا في الڭوجوريو و الشيطوريو . هذه المقاربة سخيفة : إنها تطالب بتدريس الكاراطي مثل أولائك الدّجّالين الذين يدَّعون تعليمكم الدفاع عن النفس في عشرة دروس . " أمام هجوم بالسّكّين مِن أعلى إلى تحت ، تعملون كذا ، أمام هجوم بالوخز المباشر تعملون كذا " . من طبيعة الحال ، لا تقع الأمور في الواقع كما يتصورون.
من الخصال السامية لممارس الكراطي ، نجد التَّكَيُّف . نفس الحركة يجب أن تُسْتَعْمَل بمقاصِد مختلفة في مناسبات مختلفة . إن غِنى الشوطوكان يَكْمُنُ بالضبط في تلك الحركات الشبه مثالية ( مثل القبْضْ بأصابع مضْغوطة و بيد ممدودة) التي تسمح بتطبيقات عديدة لو تدَخَّل في ذلك شيء من الذكاء .
خلال تِجوالكم ، يمكن أن يُهينَكم متباري قوي بنَعْتِكُم ب"الراقصة" ، بذَريعَة أنكم تزاولون كاطات الشوطوكان . إبتَسِموا و تجاهلوا ذلك الإستفزاز، لأنه ، إذا كان تدريبكم يحترم التعاليم المذكورة أعلاه ، فسيكون باستطاعتكم أن تُقَدِّموا له " رقصة" لاذِعة لن ينساها .
الكاطا هي عَيْن لا تنْضُب . لكنها عيْن جوْفِيَة . لكي تشرب منها ، يجب عليك أن تَحْفِر .
تَرْجَمْتُه عن موقع :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]