ترجمة نص
الشوطوكاي و الشوطوكان : تحليل تاريخي ، بقلم الأستاذ ميتْزوزوكي هارادا
يوليوز 2010
كما يعْلمه البعض منكم ، عندما وصل ڭِشين فوناكوشي ( أو الأستاذ الكبير كما لقّبناه بمحبة في ما بعد) إلى اليابان سنة 1922 فقد بدأ بتعليم فنه إلى مجموعة من التلاميذ كانت تُعْرَف ب "كاراطي كانْكْيوكايْ" Karate Kenkyu Kai أو مجموعة تعَلُّم الكاراطي. وقد راح العديد منهم ، مثل طاكِشي شيمودا Takeshi Shimoda لتعليم الكاراطي بالجامعات حيت انتشر بها هذا الفن. وأنا أعلم على كل حال أن من بين هؤلاء التلاميذ من تلك المجموعة الأولى، حصل سبعة منهم على الدرجة الأولى من الحزام الأسود سنة 1924. لكنني لم أستطع رغم محاولاتي العديدة التعرّف على التسمية التي تَمّ بها إسنادهم هذه الدرجة و لم يحتفظ أي واحد مِن الذين اتصلتُ بهم أي أثر لتلك التسميات ( من بينهم ميزوكامي وهو واحد من قدامى جامعتنا ومُعاصِر لِلأوكاياما Okayama ) . في الواقع، عندما اقتضى الأمر ذلك ، قامت كل جامعة بإنشاء نظام لتقييم المستويات في الكاراطي، خاص بها .
في سنة 1934 ، توفي فجأة الأستاذ شيمودا بالتهاب رئوي ، وعند ذلك، طلبَت عدة جامعات دراسية من يوشيطاكا ، إبن المعلم الكبير ، أن يأخد محل شيمودا كمدرّب عام ، لكنه رفض لكونه كان منشغلا جدا بعمله ، ثم وافق بعد ذلك.
لا ننسى أن في ذلك الزمان لم تكن تتوفر المجموعات على نوادي خاصة بها ، بل كانت مضطرة لكراء منازل عادية للتدريب فيها ، غير أن الجيران كانوا يشتكون من الضجيج الناتج عن التداريب . لذلك ، إتفق الأب و الإبن على ضرورة بناء صالة خاصة بالكاراتيه ولهذا السبب كذلك تجمَّع تلامذتهم تحت جمعية لتتبع عمليات البناء وإدارة الصالة في ما بعد. وبذلك ظهرت للوجود سنة 1936" الجمعية اليابانية الكبرى للكاراتيه دو" GREAT JAPAN KARATE-DO SHOTOKAI ، ونال فوناكوشي لقب رئيس الجمعية وابنه لقب نائب الرئيس [كلمة "شوطوكاي" تعني " جمعية شوطو" باليابانية وشوطو هو إسم فوناكوشي الذي كان يُوَقِّع به كتاباته الأدبية والمعنى الإجمالي هو جمعية المعلم فوناكوشي للكاراتيه دو] .
بعد أن تمّ جمع الأموال الضرورية ، تمّ بناء الصالة سنة 1938 وتدشينها الرسمي في يناير 1939 تحت إسم " النادي الياباني الكبير للكاراتيه دو" GREAT JAPAN KARATE-DO SHOTOKAN [ تعني كلمة "شوطوكان" نادي شوطو ، وشوطو هو الإسم الفني لفوناكوشي، والمعنى الإجمالي هو "نادي فوناكوشي" للكاراتيه دو] .
بعد ذلك تمّ إقرار عدة إجراءات خاصة بتسيير الجمعية وأخرى خاصة بنظام الرّتب مع اعتماد الرتبة الخامسة في الحزام الأسود كأعلى رتبة للتقويم . كما تمّ ، تحت إدارة يوشيطاكا ، إدخال أشياء جديدة في إطار التداريب، منها الكاطا التدريبة "طان نوكاطا" وكاطات طايكيوكو و كاطا البُو ماتزوكازي ( كاطا العصى).
يبدو أن لا أحد نال الدرجة الخامسة وأن أعلى درجة حُصِّل عليها هي الدرجة الرابعة ، بينما الطلبة المتدربين في الجامعات لا يتعدّون الدرجة الثالثة نظرا لقصر مدة الدراسة الجامعية و لعدم توفر الوقت بعد المزاولة المهنية في الشركات ، كما أن فوناكوشي الإبن وجد صعوبات في إيجاد أشخاص ذوي كفاءة لمساعدته .
يجب الإعتراف بأن في أوساط المتدربين كانت كلمة "شوطوكاي" قليلة الإستعمال وعند وصف مجموعتهم كانوا جميعهم يتكلمون عن صالة الشوطوكان SHOTOKAN DOJO . مع الأسف ، كل هذا انتهى عندما تم تدمير الصالة المذكورة من طرف هجوم جوي خلال الحرب ، مما وضع حدا لجميع الأنشطة . ربما قرأتم مذكراتي التي أحكي فيها ما كان مصيري في ذلك الوقت، وعلى كل حال كان كل شيء قد انتهى في مخيلة جل التلاميذ.
غير أنه في سنة 1946 ، بجامعة وازيدا ،Waseda، عبّر عدة طلبة ، بعد تحريرهم من المسؤوليات العسكرية، عن رغبتهم في التدريب من جديد . نعلم جميعا أن الأمريكيين منعوا جميع الفنون الحربية ، لكن في جامعة وازيدا ، قرر الأساتذ أوهاما Ohama, ( وقد كان مدربا لمجموعة الكاراطي بتلك الجامعة وصديق حميم للمعلم الكبير و أصله مِثْله من أوكيناوا) بعْث الروح من جديد في التداريب . كما شارك في المفاوضات [مع الإدارة] كل من الأستاذين هيرونيشي Hironishi و كاماطا وطنبي Kamata (Watanabe) ، وبذلك اعترف مكتب الرياضات l’Athletic Union) ) Office des Sports بالكاراتيه.
ومن طبيعة الحال ، أتَّبعت جامعات أخرى نفس المبادرة في سنوات 1946/47 (جامعات Keio, Chuo, Sen Shiu.) .على أنه لم تكن وزارة التعليم في ذلك الوقت تعترف بالكاراتيه ، وبما أن الجامعات كانت حرة ، فكانت تتصرف بحرية .
من بين هاته الجامعات ، كانت جامعة طاكوشوكو Takushoku تلاقي صعوبة خاصة لكونها كانت تحمل تسمية كولونيالية ( الجامعة الكولونيالية) وهي تسمية كانت مقيتة في تلك الحقبة ما بعد الحرب ، مما أرغمها على تغيير تسميتها إلى جامعة كوريو Koryo . على كل حال ، فقد استأنف طلابها الكاراتيه بعد طلاب الجامعات الأخرى ، كما اعتمدوا نظامهم الخاص بتقويم الدرجات .
كثيرون هم مَن أبدوا الرغبة في خلق تنظيم للتنسيق ، وبذلك أخدَت جامعة وازيدا المبادرة بإحداثها فيديرالية للكاراتيه الجامعي بقصد تجميع مجموعتي الشوطوكان و الوادو ريو ، لكنها لم تشتغل بالفعل.
رغم ذلك و في 27 مايو 1949 أنشِئَت الجمعية اليابانية للكاراتيه la JAPAN KARATE ASSOCIATION وقد تَمْ استدعاء مجموعة الوادو ريو للالتحاق بها في نوع من الكونفيديرالية التي تذكرنا بما نعرفه اليوم على الصعيد الأوروبي. لكن مجموعة الوادو ريو لم تلبّ الطلب، وبقيت مجموعة الشوطوكان لوحدها في وضع لا يشبه الكونفيديرالية. وهذا هو ما يفسّر لماذا اقترنت الجمعية اليابانية للكاراتيه la JKA في أذهان الناس بمجموعة الشوطوكان لوحدها .
كان رئيس هاته الجمعية الجديدة هو المرْكيز السابق سايڭو ( السابق ، لأنه تَمْ تجريد جميع النبلاء اليابانيين من ألقابهم بعد الحرب) أما فوناكوشي فقد أسندت له مهمة المدير التقني الأعلى ، وقد شاركه الممارسون القدامى في التسيير بصفتهم مدراء . كما تَمْ تطبيق نظام تقويمي للدرجات يجرى كل سنتين، مرة في الربيع و مرة في الخريف . ( الأستاذ أوهشيما مثلا ، نال حزامه للدرجة الثالثة من هاته الجمعية la JKA ).
ومع ذلك، خلال كل هذه المدة ، حافظ فوناكوشي على الجمعية اليابانية للكاراتيه دو لفوناكوشي JAPAN KARATE-DO SHOTOKAI التي ظل مرتبطا بها ويستعملها باستمرار. في الواقع ، كانت الجمعية اليابانية JKA تهم بالخصوص الجامعات، وبما أن بعض تلاميذ فوناكوشي كانوا يدرّسون بصفة خصوصية ، فكان يصعب عليهم الإنتماء للجامعات لأنها كانت منغلقة على نفسها. لذلك، كان أولئك الأساتذة من تلامذته يلجأون إليه من أجل الإعتراف بشواهد الدرجات. فكان فوناكوشي يتصرف بصفته رئيس الجمعية اليابانية من أجل فوناكوشي(SHOTOKAI) ، تلك الجمعية التي غاب عنها في ما بعد تسمية " الكبرى" ، ويمكن ملاحظة ذلك في شهادتي للدرجة الخامسة الموقعة من طرف فوناكوشي في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي (هناك صور من الشهادة ضمن الكتب التي أصدرتها).
واحدة من هاذه المجموعات الخصوصية la Tokyo Express Railway Company وهي شركة كانت تريد ناديا خاصا بها. فقام السيد كوباياشي Kobayashi وهو طالب سابق في جامعة شُوّو وموظف بتلك الشركة بطلب المساعدة من السيد جوطارو طاكاڭي Jotaro Takagi (وهو طالب سابق كذلك بجامعة شوو) وبذلك تَمَّ إحداث النادي طوكيو دوجو TOKYU DOJO وعلى رأسه فوناكوشي كمريد، كما أن شيڭورو إيڭامي Shigeru Egami كان المدرب المساعد . وبعد وفات فوناكوشي، أصبح إيڭامي هو المدرب الرئيسي بمساعدة عدة أشخاص . غير أن هؤلاء الأشخاص كانوا يتغيرون باستمرار لأسباب مهنية، وهو ما يسبب أعطابا في ديمومة التداريب و جودتها.
من بين نتائج ذلك الوضع ، الظهور على الساحة لشخص يسمى أوْكي، عندما كان إيڭامي قد انقطع عن التدريب لأسباب صحية نتيجة لعمليات جراحية متتالية في أواخر الخمسينيات. هذا الشخص استطاع أن يكسب تأثيرا على المجموعة بحيث وجه عملها إلى نوع من التدريب الذي عُرِف في ما بعد تحت تسمية صوڭو بودو Sogo Budo ، ثم بعد ذلك تحت تسمية الشينطايدو Shintaido . لكن هذا المنحى الجديد لم ينل ترحاب الأغلبية إذ نزلت نسبة التردد على النادي إلى أدنى درجاتها إلى درجة أن الشركة قررت في سنة 1968 إغلاقه نهائيا .
قبل ذلك بكثير ، كان نادي الطوكيو دوجو قد عرف تطورا كبيرا وكان قد وصل عدد المترددين عليه الألف شخص. كان هؤلاء الرواد يستعملون تسمية الشوطوكاي وكانوا يلجئون لإيڭامي للإعتراف بالشواهد تحت يافطة النيهون كراتيه دو شوطوكاي NIHON KARATE-DO SHOTOKAI .
موازاة مع ذلك ، قام بفتح نوادي في أرجاء البلاد أشخاص من قدماء الطلبة من جامعة شُوّو، وبما أنهم كانوا يحترمون إيڭامي ، فقد عبروا عن رغبتهم في إنشاء جمعية . وبذلك أنشِئت رسميا سنة 1958 جمعية النيهون كاراتيه دو شوطوكاي (اليافطة الغير الرسمية سابقا) وعلى رأسها يوشيهيدي فوناكوشي Yoshihide Funakoshi الإبن الأكبر لفوناكوشي.
أعود إلى المعلم الكبير لأقول بأن موته تسبب في مشاكل كبيرة عند مراسيم التشييع . المعلم الكبير حافظ على الجمعيتين (جمعية الشوطوكاي وجمعية الشوطوكان JKA) مستقلتين عن بعضهما، والمسؤولون عن هذه الأخيرة أرادوا التكلف بتنظيم المراسيم لكن الإبن الأكبر للمعلم، وهو يوشيهيدي رئيس جمعية الشوطوكاي، رفض ذلك واحتفظ لجمعيته القيام بتلك المهمة، مما أثار حفيظة البعض وردود فعلهم كما نعلم .
في تلك اللحظة ، كان الكاراتيه في تنامي في الخارج ، وكنتُ أتواجد بالبرازيل حيث أحدثْت بموافقة المعلم الكبير جمعية البرازيل كاراتيه دو شوطوكان متناولا التسمية التي كنا نتداولها أيام سنوات الدراسة الجامعية.
من جهتهم ، قرر أعضاء الجمعية اليابانية للشوطوكان، من أجل إثبات استقلاليتهم ، إنشاء جمعية النيهون كاراتيه دو كيوكاي NIHON KARATE KYOKAI مع فروع لها بأوربا وغيرها، كما قرروا عدم التشارك مع أي مجموعة أخرى . هذا ما يشرح لي جوّ التوتر والتصادم الحاصل بين أوهشيما و نيشيياما Ohshima et Nishiyama في الولايات المتحدة .
في نفس الفترة ، كانت مجموعة الشوطوكاي قد تطورت شيئا ما ،وصار هيرونيشي رئيسا لها بينما كان إيڭامي يشغل منصب المدير التقني الرئيسي ، وكنت في ذلك الوقت أتواجد ببروكسيل حينما أخبرني إيڭامي بأننا منضمين بصفة رسمية لجمعية النيهون كاراتيه دو شوطوكاي، ولذلك السبب تَمَّ تسجيل مجموعتي في ابريطانيا العظمى تحت تسمية كاراتيه دو شوطوكاي يونايطد كيندوم KARATE-DO SHOTOKAI .UK سنة 1966.
الآن سأوضح لكم شيئا ما طبيعة هذا الإرث الذي ننتمي إليه و، من خلال ذلك ، الأهداف الحقيقية للشوطوكاي .
الثورة الحقيقية للشوطوكان ، إن صحّ التعبير ، جاءت عن طريق يوشيطاكا فوناكوشي. الأمر يتعلق بمسألة أخلاقية وفلسفية أكثر منها مسألة مقاربة تقنية. في هذا الجانب كان يختلف تماما مع والده الذي كان له تصور يميل أكثر إلى الرياضة البدنية ، بينما هو (الإبن) كان يتجه أكثر إلى الجانب الحربي لهذا الفن . في أبحاثه ، كان ليوشيطاكا شركاء شخصيين اثنين : إيڭامي و كذلك أوكوياما الذي تدرب معه لمدة طويلة . لقد أتيحت لي الفرصة لأتأكد منه عن هذه النقطة خلال زيارةي الأخيرة لليابان، كما كانت فرصة كذلك للتذاكر وتبادل الآراء حول بحثنا.
لقد تدربتُ شخصيا مع هذين الكبيرين وأظن أنه بإمكاني التأكيد على أن عملي الشخصي يتواجد بالفعل على خط الأستاذ يوشيطاكا الذي التقيته قبل الحرب عندما بدأتُ الكاراتيه في نادي الشوطوكان.
لقد كان المعلم الكبير يضع ثقته في إبنه ويحترم عمله ( ونحن نعلم أنه تأثر كثيرا لوفاته). إذن ، ليست هناك أية خيانة للأب في هذه المقاربة.
وبنفس التعامل وبنفس نظرة الوفاء، كان قد قامت مجموعة من القدماء في ما بعد ببعث جمعية الشوطوكان دوجو SHOTOKAN DOJO كما كانت قبل الحرب، مع الشوطوكاي كجمعية للتسيير. لذلك تَمَّ في يناير 1976 تدشين النادي الجديد بطوكيو تحت إسم الشوطوكان مع مدير أول وهو إيڭامي Egami ونائب له وهو جوطارو طاڭاكي Jotaro Takagi .
السيد طاڭاكي كان قبطان مجموعة الكاراتيه بجامعة شوّو سنة 1947 وكان هو آخر تلميذ ليوشيطاكا . إنه إذن يعلم ما يقول عندما يتكلم عن تداريب يوشيطاكا وجودتها. نحن لم نخترع شيئا أو عظّمنا في هذا الميدان ، وبعض التحاليل التي قرأتها في هذه الآونة والتي تقارن بين أبطال الكاراطي الحاليين مع هؤلاء الأساتذة القدامى ، هي في الواقع تخمينات خيالية عديمة من أي فائدة .
على كل حال ، كان إيڭامي متيقنا أن الطريق التي نسلكها هي طريق يوشيطاكا بالفعل . كذلك اليوم ، السيد طاڭاكي متيقن تمام اليقين بأننا دمنا مخلصين لمَحاوِر بحوثه. لكن مع الأسف، وهذا من بين أشياء أخرى ، و بسبب التشنجات التي أشرت إليها أعلاه ، أن كلمة شوطوكاي تعني الآن وقائع جد مغايرة ، وهذا ما يزيد في اللخبطة العامة .
إن التطور نحو الصوڭو بودو Sogo Budo ربما كانت له أسباب وجوده ، لكن هناك شيء مؤكد وهو أن هذه المقاربة لا علاقة لها مع مقاربة يوشيطاكا . إنْ تطوَّرَ ممارسوه في ما بعد نحو الشينطايدو Shintaido فهذا حقهم الذي لا جدال فيه ، ولكن ليست هناك كذالك أية علاقة مع الكاراتيه شوطوكان .
في نفس السياق ، عندما جاء السيد إيڭامي إلى أوروبا ، فإن السيد مياموطو الكاتب العام للجمعية هو الذي قام بالعروض ، وكثيرون هم مَن ظنوا منطقيا بأن الكاراتيه الذي كان يعرضه هو كاراتيه إيڭامي. ليس من ذلك شيء بتاتا ،لأن ذلك الشخص كان تحت التأثير القوي لأسلوب السوڭو بودو Sogo Budo ، وقد تم بالمناسبة طرده لهذا السبب من الشوطوكاي باليابان . إنه يمارس الآن شيئا مغايرا تماما.
إنه من المؤسف ، ولكنه حقيقة ، أن كثيرين عبر سنوات حاولوا استثمار إسم وشهرة إيڭامي إلى درجة أن بعضهم إدّعى خلق مدرسة للكاراتيه مُسمّاة إيڭامي ريو Egami Ryu بقصد الحفاظ على ما يقدموه بأنه رسالة حقيقية. هم في الواقع أناس لم يسبق لهم بتاتا أن تدربوا معه ، لأنهم جاءوا متأخرين لذلك، ولو التقوا به لبعض الدردشات الودية . هذا تصرّف بائس وإهانة في حق ذاكرة رجل لم يُرد أبدا أن تكون له مدرسة ، لأنه بقي وفيا للسياق الذي كان ينتمي إليه . بالنسبة له، خلق شيء من هذا القبيل كان سيكون بمثابة خيانة للمعلم الكبير، بينما أن أمنيته الوحيدة كانت هي البقاء وفيا لأساتذته وزملائه.
مع الأسف، هكذا يغدو العالم ويكون دائما من السهل التكلم عن نوايا الناس وهم لم يصبحوا معنا لكي يُفَنّدوا ذلك ، وهذا يسري على الجميع.
لكننا يمكننا على الأقل أخد المعلومات من الذين عاشوا بالفعل تلك الحِقَب وخالطوا بالفعل الناس الذين نتكلم عنهم ، حتى نتمكن أكثر من مقاربة الحقيقة . بعد ذلك لن يتبقّى لنا سوى صراحتنا كعربون للثقة ، وأنا أظن ، في ميدان الكاراتيه، أن أحسن طريقة لإعطاء وزن لكلامنا هو الإستمرار في التدريب بحماسة كبيرة وإعطاء ما هو أفضل لدينا . ذلك هو ما يزال يقوم به الأقدم مني الأستاذ طاضاوو أوكوياما في سن 83 سنة ، وهو ما أحاول كذلك القيام به : الإستمرار في الطريق.
وفي الأخير ، وعلاقة بمجموعة الشوطوكاي، هناك سوء تفاهم آخر أودّ توضيحه و يتعلق الأمر بمسألة التباري . في الواقع ، قرأت هذه الأيام مقالا يفيد أن الشوطوكاي قام بتجارب في ميدان التباري في الحقبة التي كان فيها طزوطومو أوهشيما Tsutomu Ohshima في جامعة وازيدا ، وهذا غير صحيح كليا.
قبل كل شيء ، وكما تطرقنا إلى ذلك من قبل ، لم يتم أبدا إشراك إسم شوطوكاي إلى الجامعات بصفة عامة ، وبجامعة وازيدا على الخصوص . أما أوهشيما، فلم يكن أبدا و في أي لحظة عضوا بمجموعة الشوطوكاي . بالمقابل ، صحيح أنه كان طرفا في ما سُمِّي بالتجارب الأولى للتباري.
أول لقاء من هذا النوع حصل في نونبر1951 بمناسبة عروض جامعية منظمة من طرف الفيديرالية الجامعية التي ، كما قلنا سابقا ، تهم على الخصوص مجموعات الشوطوكان. كل جامعة كان عليها أن تقدم عرضها الخاص وكل واحد كان يحاول بطبيعة الحال أن يقوم بشيء مغاير عن الآخر. لذلك جاءت للسيد أوهشيما فكرة أن يقدم لقاءات من الكوميطي وجو كوميطي باستعمال النظام المعمول به في فن المسايفة ، يعني بأربعة قضاة وحكم لتحديد النقاط المسجلة . فحقق ذلك نجاحا و غادر الجمهور وهو منبسطا . غير أنه بهذه المناسبة ، جائني الأستاذ ناكاياما بعد عرضنا وأبلغني بكلمات واضحة كل عدم رضاه عن هذه المبادرة التي تخدش الكاراتيه حسب نظره .
بعد ذلك ، كان علينا مع طلبة جامعة كيو أن نتبادل معهم التدريب كما يحدث لنا معهم بعض الأوقات . فاقترح أوهشيما أن نعيد التجربة ، ولكن في هذه المرة عوض أن نترك التحكيم إلى قدامى من جامعتينا، يمكننا أن نطلب من شخص محايد أن يقوم بذلك الدور ، واقترح أن يكون هو الأستاذ ناكا ياما Nakayama الذي ينتمي إلى جامعة طاكوشوكو الغير المعنية هنا . الحكمين الآخرين كانا الأستاذ نيشياما و الأستاذ أراي Nishiyama et Arai . من طبيعة الحال ، قلتُ لأوهشيما بأنه سيسمع ما لا يعجبه إذا طلب ذلك من الأستاذ ناكاياما. لكن كم كانت دهشتي كبيرة حينما سمعت في ما بعد أنه قبل العرض بصدر رحب. إن تقلب المواقف لشيء غريب !
حقيقة أن الناس تخلط غالبا بين الشوطوكاي و الشوطوكان، وأتمنى أنني أوضحت شيئا ما بهذا المقال تاريخ كل واحد منهما ، لكن أود أن أؤكد أن هذه التجارب في التباري، لأنها في الواقع تجارب، لم تعني أبدا الشوطوكاي كمجموعة, لا يخفى على أحد أنني لا أحبّد التباري، ولكن هذا من طبيعة الحال ميدان لكل واحد الحق في أن يكوِّن عليه فكرته الخاصة.
بالنسبة لي ، أعتبر أن التباري في الكاراتيه ( خلافا لعدد كبير من الأنشطة الرياضية) يسير في الإتجاه المعاكس للتطور التقني و البحث، لكي يكون في آخر المطاف مجرّد فرجة منفصلة كلّيا عن الواقع وعن الحقيقة التي نهدف إليها . لنترك إذن لكل واحد الحرص على أن يختار طريقه.
مقتطفات من " أقوال التنّين"
Extrait de ’Les Dires du Dragon’