الدليل التربوي الموجز لتعليم الكاراطي للصغارترجمة نصيقول الكاتب ، أتلقى في الآونة الأخيرة عدة رسائل تهم الأطفال ، وعلى الخصوص تعليم الكاراطي للأطفال :
" ماهو السن المناسب لبدء التعلّم ؟ ماهي التقنيات التي يجب أن أعلّمها لهم ؟ متى يمكنهم البدء في التباري ؟ كيف يجب أن ألقّنهم روح الكاراطي ؟ " .
لا حاجة بالتذكير أن تعليم الكاراطي للأطفال هو موضوع شاسع و عميق . إنّ المناهج و الطرائق التعليمية تختلف كثيرا بين المدرّسين و المنظمات و الثقافات المحلية . وهذا يزيد في صعوبة إيجاد ، بالنسبة لغير العارفين ، الأشكال المناسبة التي تكون في المتناول .
أنا شخصيا أحبّذ تعليم الأطفال .
لماذا ؟
- لأنهم منفتحون كليا لأفكاري الغريبة ، خلافا للكبار الذين يشقلبون عيونهم في نوع من الشك و الرّيبة و يتمسّكون بكرامتهم الرجالية عندما يحسّون بالحرَج عند تعلّم أي شيء جديد .
- لأنهم يتعلمون بسرعة ، خلافا للكبار الذين يحتاجون للتمحيص في ما يُشْرَحُ لهم و تحليله عدة مرات في عمق عقلهم الرجالي
- لأنهم يطرحون الأسئلة المهمّة ، خلافا للكبار الذين يهابون ردة فعل الآخرين و يفضلون السكوت بدل قول ما سيحرجهم بعد سؤالهم
-لأنهم يحبون التكوين خلافا للكبار الذين يتردّدون في تغيير روتينية الحيات مدة 90 دقيقة ويقتنعون بتدريب دون المستوى .
- لأنهم يعبرون عن شكرهم بعناقكم
- لو حصل لهم إيذاؤك بغير قصد ، يعبّرون عن أسفهم بعناقكم
كل هذا يجعل أمر تعليمهم شيئا مستحَقّا .
سأضع الآن بين أيديكم تصوّرا عاما أو دليلا موجزا حول العوامل الأساسية التي يجب الإعتماد عليها خلال تعليم الكاراطي للأطفال . وحتى إن لم تدرِّسوه للأطفال ، فسيصلح ذلك لأطفالكم الذين يتعلمون الكاراطي وذلك من نواحيهم الجسدية و الفكرية والإجتماعية .
كما يمكن ، بل يجب ، أن تُطَبَّق هذه المعلومات في ميادين أخرى غير الكاراطي ، خصوصا إذا كان عملكم مرتبط بالأطفال أو كنتم آباء لأطفال.
بصفتنا كأساتذة للكاراطي ، من الواجب علينا معرفة حاجة أو حاجتين على النمو الطبيعي للطفل ، وعلى مهاراته الحركية ، ومهاراته النفسية-الإجتماعية . ورغم أن الأطفال صنف واحد و لكن بنضج مختلف في السرعة ، يمكنني إعطاؤكم نصائح عامة ، وأتمنى من القارئ الذكي أن يكيّفها مع محيط تعليمه للكاراطي .
إليكم أُسُس ما أظنه ضروري معرفته في تعليم الأطفال ، مقَسَّما على الفئات العمرية .
- الفئة 7 - 9 سنوات :
من الناحية الجسدية :الأطفال من 7- 9 سنوات لهم حاجة كبيرة في المجهود البدني من أجل التحرّك لأن في هذا السّن تبدأ الحركات البدنية في أخد طابع أوتوماتيكي بداخل جسمهم. ,هذا معناه أنهم سيحسّون بأنفسهم ميّالين إلى التحرّك كلّما أمكن و بجميع الأشكال .
لكن الأطفال في هذا السن ما تزال لديهم كمية قليلة من النمو العضلي و تكون قدرتهم على تمديد عضلاتهم جدّ محدودة. كذلك الشأن بالنسبة لقدراتهم اللاهوائية anaérobie(قدرة تغدية المجهود العضلي من خزان الجسم وليس من أوكسجين الهواء الخارجي).
كما أن الفوارق في الجنسين (الذكور و الإنات) تكون شبه منعدمة .
من الناحية الذهنية :قبل كل شيء يجب الأخد بعين الإعتبار أن مجموعة 7 - 9 سنوات و التي ستليها هي مجموعات تقريبة لأن بعض الأطفال يمكن أن يظهروا أقل أو أكبر سنا داخل الفئة المعنية وذلك حسب وثيرة نموّهم .
في ما يخص التطوّر النفسي – الإجتماعي لفئة 7- 9 سنوات ، فإن قدرتهم الإجتماعية ليست ناضجة تماما ، وهذا معناه أنهم يجدون صعوبة في تخيّل أنفسهم جزءا من مجموعة من الأفراد لها حاجيات مختلفة عن مجموعات أخرى. بتعبير آخر، فهم تقريبا أنانيين و يبحثون عن الشعور بالأمان الشخصي و الثقة في الآخر.
رغم ذلك ، يبدأ إدراكهم للخير و الشر في تطوّر كبير خلال تلك السن . نفس الشأن كذلك بالنسبة لقدرتهم على تتبع القواعد و التعليمات، ولو أن قدراتهم السمعية ( في محاولتهم لإستيعاب التعليمات الشفهية) في مستوى متدنّي .
نصائح :عندما تدرسون للفئة 7 – 9 سنوات ، حاولوا التركيز على اللعب . حاولوا أن يكون لديكم تنويع في التمارين ، في الحركات ، في محتوى الدرس. حاولوا أن تكونوا واضحين قدر الإمكان بإعطائكم لتعليمات قصيرة وواضحة .
أمام الأطفال ، النجاعة تكمُن في عرض الأشياء جسديا حتى يرونها بالعين ، أكثر من شرحها شفويا ويسمعونها بالأذن .
في هذه الفئة العمرية يكون من الضروري كذلك التأكيد على العمل الجماعي ، دون الوقوع في التنافسية. عليكم أن تسطّروا القواعد الأساسية للعمل الجماعي و تبيان ما هو خير و ما هو شر ، و شرح كيفية التصرّف بداخل النادي و متى نقوم بتمارين الكاراتي في القاعة و متى ننتهي منها في القاعة .
- فئة 10- 12 سنوات
من الناحية الجسديةفي هذه الفئة يكون الأطفال قد حسّنوا طبيعيا و بصفة كبيرة مهارة التنسيق في الحركات الجسدية. هذا معناه أنه يمكنكم تلقينهم عمليات إدراكية أصعب من السابقة ( تعتمد على الفهم المجرّد)، وكذا حركات جسدية أكثر تطلّبا لأن وظيفتهم التنفسية تتطوّر أكثر في تلك السن .
كما أن الفوارق بين الجنسين تبدأ في الظهور ، دون أن تكون واضحة تماما .
من الناحية الذهنية :في سن 10 – 12 سنة ، زيادة على تحسين التنسيق الحركي ، تتطوّر، بقوة ، قدرة التفكير بصفة مجرَّدة و منطقية . هذا يعني أنه بإمكانكم رفع وثيرة طلباتكم في ما يخص قدراتهم في التمارين حتى يمكن استثمارها في تحسين مهاراتهم .
في هذا السن ، ترتفع عزيمة التعاون ، مع الحاجة الماسّة لأكثر من التكوين و أكثر من المنافسة . كما أن عقلية الأنا تترك المكان شيئا فشيئا لعقلية المجموعة ، رغم أن العقليتَيْن ما زالتا تتعايشان في الفرد الواحد .
نصائح :كما في موضوع الفئة 7 – 9 ، يجب تنويع محتويات دروسكم ، لكن دون الوقوع في الخلط بينها. إن الأطفال في هذا السّن ، يجرِّبون عدة أنواع من الرياضات ، وسيكون عملكم هو استقطابهم نحو الكاراطي . لهذا الغرض ، يجب عليكم إدخال أكثر ما يمكن من التقنيات في هذه المرحلة العمرية مع تدقيق أكثر في تنفيذها ، وكذا إدخال تدريبات تكتيكية مبنية على سيناريوهات عملية.
إنه من الضروري أن تكونوا منسجمين مع أنفسكم في أعمالكم و كلماتكم لأن مفهومي العدل و الإنصاف قد أصبحا مفهومَيْن أساسيين لدى الأطفال في ذلك السن .
فئة 13 – 15 سنة :
من الناحية الجسدية :الغريب في الأمر أن الأطفال يبدؤون هنا في التّدنّي في بعض الميادين ، منها على الخصوص التنسيق الحركي و الرّشاقة . في هذه المرحلة الأطفال الذين كان بإمكانهم ربح الجوائز في الكاراطي في المرحلة السابقة ، يبدؤون في فقدان الحوافز . إنه من المهم أن يفهم المدربون أنه من الطبيعي في هذه المرحلة أن تتغير أشياء كثيرة في الطفل ، خاصة في تركيبته الجسدية لأنه كَبُرَ وأصبح يَزِن أكثر .
كما أن الطاقة التنفّسية تزداد أكثر( الحاجة إلى أكثر من الأوكسجين ) ، كما تتباين هنا الفوارق الجنسية .
من الناحية الذهنية :أشياء كثيرة تتبلور بداخل مخّ الأطفال من هذه الفئة . من بينها وجود متنامي لحالات عدم الأمان النفسي ، كما أن الأطفال في مرحلة البحث الحثيث عن "صوتهم" داخل عموم الناس ( البحث عن هويتهم) . سيعبّر الأطفال عن ذلك بشتى الطرق و حسب الظروف . غير أن المؤشر الواضح لذلك هو كونهم يريدون الآن أن يصبحوا مستقِلّين . و عليكم أن تجيبوا عن هذه الرغبة .
نصائح :سيكون شيئا فشيئا من الصعب التحكّم في المجموعة ، لأن فوارق كبيرة ، جسدية و ذهنية بين الأفراد ، بدأتْ تبرز للوجود . لكن قدرتكم على التواصل النظري و حل المشاكل يمكنها أن تحسّن الأشياء . هذا يعني أنه يمكن لكم الآن التحدث إلى المجموعة أكثر من السابق .
بصفتكم رائدا وزعيما للمجموعة ، فإن الإبقاء على الحوار و التواصل هو الآن أهم من أي وقت مضى لأن الأطفال سيرَوْن فيكم عِمادَة للثقة و الأمان في حياتهم الدينامية .
إذن ، يجب القيام بتمارين تقنية أسهل و تفادي زيادة حركات معقدة و عدم وضع الضغط النفسي على التلاميذ .
مقابل ذلك ، يجب الرّفع من وثيرة و إيقاع التمارين لأنهم يطرقون باب سنّ المراهقة و محتاجين إلى دفعة قوية للمرحلة المقبلة و الحاسمة .
فئة 16 – 18 سنة :
من الناحية الجسدية :في هذه المرحلة يصبح الأطفال على مشارف مرحلة البلوغ ، ويتجلى ذلك بعدَّة صفات : الرئتين و الجهاز التنفسي أصبحا في مستوى جديد ، وكذلك القدرة على التحكّم في زيادة الحِمْض اللكتيكي في العضلات (الذي يسبب التشنج و العياء).
هنا ، الذكور من أعمار 18-19 سنة و الإناث من أعمار 15-16 سنة قد تَمَّ نضجهم البدني نهائيا ( على الخصوص في المستوى العمودي) . أما الفوارق الجنسية ، فتصبح نهائية .
من الناحية الذهنية :خلال هذه الفئة العمرية يزداد وعي الأطفال ، فيبدؤون في طرح الأسئلة حول الدروس بصفة أكثر حدّة من السابق . يزداد لديهم التبصّر و يزداد تصورهم لإستقلاليتهم .
نصائح :في هذه المرحلة ، يسْتحْسن الرّفع من جرعة التكوين (الحجم و التردّد و الإيقاع ).
بصفتكم كمدربين ، يمكنكم أن ترفعوا من الصعوبات الآن ، من الناحية البدنية و الذهنية وكذا التكوين من أجل القوة وما يصاحبها من تمرينات القلب cardio .
إضافة إلى ذلك ، إنه من الضروري الحفاظ على رشاقة الأطفال خلال نموّهم نحو البلوغ ، وذلك بتطبيق تمارين الرشاقة و التمدّد .
هل هذا كثير ؟
على كل حال ، يبقى الكثير مما يجب قوله في تعليم الأطفال رغم أنه ليس هناك كُتُب أو فيديوهات تتحدّث عن هذا الموضوع . فكل ما ذكرناه يكفي فقط لتغطية الأساس .
تذكروا دائما أن الأطفال و الشباب يحبون التنوّع (لكن ليس إلى درجة الخلط) حتى تستطيعوا بذلك الحفاظ على التحفيز والإهتمام على المدى الطويل .
حاولوا كذلك أن تفكروا دوما في التصوّر العام : إن غالبية الأطفال يأتون إلى الكاراطي من أجل المتعة و تعلّم أشياء جديدة تتعلّق بعالم النينجا و من أجل الظّهور و الإظهار ( الأطفال يحبون إظهار الأشياء) و من أجل لقاء أصدقاء أو ربط صداقات جديدة . فلا تحرموهم أبدا من هذه الفرصة .
لا تهم أعمار أو مستويات الأطفال عندما يأتون نحو الكاراطي بقدر ما يهم تصنيفهم بالنادي حسب الأعمار بدل المستويات.
إنّي أظنّ أن العامل الأساسي ليصبح الإنسان أستاذا كبيرا في تعليم الصغار هو التجربة و الوعي الكبير الذي ينتج عن تلك التجربة .
حقيقة ، يجب عليكم أن تكونوا في بعض الأحيان صارمين و متسامحين ، وأحيانا أخرى ليّنين و ضاحكين . بعض الأحيان يجب تذكير الأطفال بقواعد الإنضباط و أحيان أخرى ستلجئون إلى الإرتجال. هناك توازن لا بد منه .
ليس جميع الأطفال متشابهين و ليس جميع الأطفال رجال صغار. على عكس ذلك ، مِن الغريب أن يكون غالب البالغين هم في الواقع أطفال كبار .
بصفتكم رائدا ، عليكم أن تضعوا نصب أعينكم هذا الفرق و أن تحافظوا على التوازن بينهما.
وفّقكم الله .
تَرْجَمْتُه عن موقع :
Jesse Enkamp
http://www.karatebyjesse.com/karate-kid-teaching-guide/مع تحياتي ، عبد القادر اجبيرة